fbpx
تقديرات

العالم 2030: توجهات عظمى وعوالم مختلفة

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

بدأ المجلس القومي للاستخبارات الأمريكي، منذ العام 1997، تقليدا بإصدار تقرير إستراتيجي كل 4 سنوات، يتضمن حصاد حوارات إستراتيجية يقوم الخبراء الإستراتيجيون بإجرائها مع خبراء محسوبين على الحكومة الأمريكية، وآخرين من خارجها، وأحيانا يكونون من خارج الولايات المتحدة نفسها. وفي أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أصدر المجلس تقريره الأخير، والذي حمل عنوان “عوالم مختلفة أو Global Trends 2030.. Alternative Worlds”، والذي يقدم فيه حصاد حول تأثيرات العوامل الأكبر التي ستؤثر على مسارات الكوكب، مهما كانت المتغيرات الأصغر التي تشهدها قواه الكبرى الفاعلة.

ويهدف التقرير لتزويد صناع القرار الأمريكيين بإطار للتفكير في المستقبل، ويقدم التقرير هذا الإطار ضمن عدة أدوات، أولها، تحديد التوجهات العالمية الإشكالية والانقطاعات التي ستشهدها مسيرة العالم، والتي يصفها بالاتجاهات العظمى، وتعني تلك العوامل التي ستنجم عن أي سيناريو لمسار العالم، وثانيها، بيان عوامل تغيير قواعد اللعبة، وهي المتغيرات الأساسية التي يصعب التنبؤ بمساراتها وتداعياتها المستقبلية.

وكما يتصاعد التوافق حول التعددية وتعقد المشهد العالمي كاملاً، فقد عمل التقرير على تعظيم الاهتمام بالسيناريوهات أو البدائل المختلفة التي يمكن للعالم أن يسير في مساراتها، حيث يرى التقرير أن العالم على شفا مرحلة تحول حرجة في التاريخ البشري، والتي قد تقوم إلى سيناريوهات مستقبل متعارضة ومختلفة. ويتوقع هذا التقرير أن يكون العالم على شفا تغير جذري بحلول 2030.

أولا: التوجهات العظمى والتحولات البنائية:

1ـ تمكين الفرد:

يعتبر التقرير أن الاتجاه الأعظم الأول، والذي يمثل العامل الأكثر تأثيرا في كل سيناريوهات المستقبل، يتمثل في تعميق الاستدامة والتعجيل بإقرارها على مدى الأعوام العشرين التالية، بالنظر للاتجاه نحو الحد من الفقر، والتنامي الواسع للطبقات الوسطى على صعيد العالم، مع تصاعد الاهتمام بتحصيل التعليم وتحسين الأوضاع الصحية، ولأول مرة لن يعاني أغلب سكان العالم من الفقر، وذلك بالنظر لتوسع النمو العالمي المتسارع للدول النامية، والتوسع الهائل في استخدام التقنيات الاتصالية والتصنيعية. كما أن تزايد قدرة الأفراد على القيام بمبادرات عامة من شأنه أن يوفر مدخلا لمواجهة التحديات العالمية المتصاعدة طيلة الأعوام العشرين القادمة. وعلى صعيد آخر، فإنه في تحول هيكلي، فإن الأفراد والجماعات الصغيرة سيكون بمقدورهم النفاذ إلى تقنيات مدمرة، من بينها التوجيه عالي الدقة، والأدوات السيبرانية، والأسلحة البيولوجية.

2ـ انتشار القوة:

يشير التقرير إلى أنه قبل بلوغ 2030، ستكون قدرات آسيا الاقتصادية والتقنية والعسكرية متجاوزة للولايات المتحدة، وسيتوقف أداء الاقتصاد العالمي على حسن أداء القوى الصاعدة، وبخاصة الآسيوية، وستتعاظم على الصعيد العالمي قوة الصين والهند في آسيا، والبرازيل وكولومبيا في أمريكا اللاتينية، ونيجيريا وجنوب أفريقيا في أفريقيا، وتركيا كذلك، حيث سيزداد تأثير هذه القوى في الاقتصاد العالمي. كما سيستمر تراجع الأداء الاقتصادي لأوروبا واليابان وروسيا. وهذه القوة لن يكون لها القدرة على تعظيم تأثيرها في العالم ما لم تقم ببناء شبكات تأثير إقليمية وعالمية.

3ـ التحولات الديموغرافية:

سيشهد العالم تحولات جغرافية ستسهم في تشكيل العالم، أولها التقدم في السن الذي سيمثل سمة تنتشر في كل الاقتصادات الغربية والآخذة في التقدم، مع وجود مجتمعات ودول شابة منتشرة وإن كان الاتجاه نحو تقلصها، وهو ما سيخلق ضغطا على مستوى المعيشة في الدول الغربية والآخذة في التقدم، فضلا عن استمرار ظاهرة الهجرة عبر القومية بسبب زيادة الطلب على العمالة الماهرة وغير الماهرة، وتنامي المجتمعات الحضرية ما سيخلق طلبا على الموارد وقطاع المقاولات، حيث توقع التقرير أن أعمال البناء في الأربعين سنة القادمة ستتجاوز الأعمال التي شهدتها البشرية حتى اليوم.

4ـ تغيرات المناخ:

سيزداد الطلب على الطعام 35%، والماء 40% والطاقة 50% نتيجة زيادة السكان والمجتمعات الحضرية. فضلا عن ضغط تغير المناخ على الموارد، وتزايد مساحات الجفاف والقحالة وتراجع معدلات المطر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغرب آسيا وجنوب كل من أوروبا وأفريقيا والولايات المتحدة. لن يتجه العالم لحالة ندرة موارد، لكن الحكومات والقطاع الخاص بحاجة للتنبؤ بمسار الموارد والاستجابة لها بكفاءة، وهي الاستجابة التي ستكون على حساب حصص الأسواق المختلفة. كما سيحتاج الزراعة لموارد مياه واسعة وأسمدة. وهناك إمكانية لتراجع التجارة لهذه الأسباب، غير أن هناك إمكانية تآزر لمواجهة هذه المخاطر. الزراعة في أفريقيا سوف تحتاج لتغيرات كبيرة لتفادي النقص، خاصة وأنها عادت لمتوسطات إنتاجية السبعينات مقارنة بالتطور في آسيا وجنوب أمريكا. وسيؤدي تطوير الولايات المتحدة لآليات استخراج النفط بالضغط إلى تقليل وارداتها بصورة كبيرة، ويدعم اقتصادها.

 

ثانيا: عوامل تغيير قواعد اللعبة:

1ـ الاقتصاد العالمي المعرض لأزمة:

إن تفاوت الأداء الاقتصادي الإقليمي، وكذا العالمي المتأثر بتداعيات أزمة 2008 سيزيد من انعدام توازن الاقتصاد العالمي، وسيزيد من إجهاده. ويتساءل التقرير عما إذا كان هذا الوضع سيزيد من تشعب الأزمة وتقلب الاقتصاد العالمي؟ أم أن قوة بعض المراكز الاقتصادية ستؤدي لمرونة تكبح الأزمة؟ وقد قارن بعض الخبراء بين وضع الولايات المتحدة اليوم ووضع بريطانيا بالأمس؛ ما أدى لبروز تعددية القطبية العالمية.

وبالنظر للأزمة المالية لعام 2008، لم تعد العولمة تعمل بقوة على نحو ما كانت. وقد تضاعفت المديونية غير المالية لمجموعة جي 7 على مدار جيل (25 عاما) لتغدو 300% من الناتج المحلي الإجمالي. كما أضحت الأزمات المالية تميل لأن تكون أعمق، وتحتاج ضعف الوقت للمعالجة. وقد بدأت القوى الاقتصادية الكبرى بتصفية وخفض مديونياتها باستثناءات قليلة (الولايات المتحدة وأستراليا وكوريا الجنوبية). في هذا السياق، فإن أزمة عالمية ضخمة أخرى قد لا يمكن السيطرة عليها. خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي يعني أزمة اقتصادية بقوة 8 أضعاف أزمة إفلاس ليمان برازرز. ويحتاج الاتحاد الأوروبي لتقدم عدة مراكز فيه لكي يستعيد استقراره، ما قدر الخبراء أن يستغرق عقدا.

كما أن تقدم السن يعيق فرص نمو الاقتصادات الغربية باستثمار الولايات المتحدة التي لديها قوة شبابية لا بأس بها، لكنها غير كافية لرفع معدل النمو، وهناك شكوك حول قدرة التقنية على الحلول محل قوة العمل.

الصين حتى 2025 ستقدم 33% من إجمالي النمو العالمي، لكن معدلات نموها ستنخفض من 10 إلى 5%. ونظرا لانخفاض معدل النمو سينخفض معدل نمو الدخل الفردي، وستعلق الصين في فخ الدخل المتوسط لفترة طويلة قد تمتد حتى 2020. وفي نفس السياق، ستعاني الهند من نفس مصادر معاناة الصين، وستواجه ضغطا على الموارد وبخاصة المياه، وستحتاج لاستثمار في العلم لكي تتمكن من بلوغ معدل نموها الذي اعتادته. دور الغرب الاقتصادي يتراجع. والاستثمارات ستتضخم لحد غير مسبوق نتيجة الطلب على البنية التحتية والمنازل والبضائع، في الوقت الذي لن تكفي فيه المدخرات، مما سيضغط بقوة على أسعار الفائدة. وستواجه الدول النامية تحدي المحافظة على إيقاع نموها برغم نفوذها المتزايد في الاقتصاد العالمي.

2ـ فجوة الحوكمة:

مع غدو ركائز القوة أكثر انتشارا، ستتزايد إمكانية زيادة الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين، فضلا عن الفاعلين شبه الحكوميين؛ مثل المدن، وكلهم سيلعبون دورا متناميا في الحوكمة. التزايد الكبير في عدد الفاعلين سيعني ضرورة مواجهة عدة تحديات انتقالية، فضلا عن تعارض إرادات وقيم الفاعلين، ما سيؤدي إلى تعقد عملية صناعة القرار.

كما أن غياب التوافق بين القوى الكائنة والقوى حديثة التشكل سيعني دفع أطر الحوكمة متعددة الأطراف نحو مزيد تطور. كما أنه من الراجح أن يؤدي العجز المزمن لدفع العالم باتجاه مزيد من التشظي. كما ستتفاوت رؤى تحقيق التقدم في مواجهة القضايا المختلفة. ويمكن القول بأن ثمة 50 دولة تقبع في المرحلة الحرجة بين الاستبداد والديمقراطية، كما أن دولاً عدة ما زالت قيد شق طريقها نحو المقرطة. كما ستظل عدة دول تعاني من القبوع في مربع فقدان الديمقراطية.

ومن جهة أخرى، فإن الاستخدام الواسع للدعم التقني سيكون سيفا ذا حدين، حيث ستمكن الشبكات الافتراضية المواطنين من تحدي حكوماتها أو الالتحام بها، غير أن نفس السلاح سيمنح الحكومات قدرة غير مسبوقة على مراقبة مواطنيها. ومن جهة أخرى، ستتراجع القدرة الغربية الواسعة في السيطرة على العالم، بما في ذلك قدرة مجلس الأمن الدولي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والتي ستتحول باتجاه تساوي قدراتها مع قدرات اللاعبين الاقتصاديين الجدد.

3ـ احتمال تزايد الصراعات:

شهد العقدان الماضيان عددا قليلا من الصراعات الكبرى المسلحة وعددا أقل من الضحايا العسكريين. وستظل مثبطات الصدامات بين القوى الكبرى تتمتع بقوتها وفاعليتها، حيث ثمة الكثير من المصالح على المحك. غير أن المواجهات داخل الدول قد زادت بصورة تدريجية، ومن المرجح أن تتصاعد ضمن الدول التي تتضمن أقليات عرقية شابة من دون وجود تدفقات مياه كافية ونقصان الأراضي الصالحة للزراعة، وبخاصة مع التغيرات في النظام الدولي.

كما أن فقدان الولايات المتحدة للإرادة للعب دور ضامن الأمن العالمي، أو فقدانها القدرة على لعب هذا الدور من شأنه أن يسهم في دعم عدم الاستقرار. وهناك ثلاث مصادر للمخاطر بإمكانها أن تزيد من فرص تنامي الصراعات داخل الدول، أولها تغير حسابات لاعبين رئيسيين كالصين أو الهند أو روسيا، وثانيها الخلاف حول الموارد، وآخرها تملك آلية حسم عسكرية أقوى.

4ـ منظور أوسع للاستقرار الإقليمي:

من المرجح أن تكون منطقتا الشرق الأوسط وجنوب آسيا المنطقتين الأكثر توقعا لشهود نطاق واسع من عدم الاستقرار. وإذا ما تمكنت الجمهورية الإسلامية في إيران من حيازة سلاح نووي، فإن منطقة الشرق الأوسط ستشهد مستقبلا عاصفا غير مستقر. كما ستشهد منطقة جنوب آسيا عدة صدمات خلال الأعوام العشرين المقبلة، منها تزايد الشريحة الشابة، وارتفاع أسعار الطعام، وقصور إمدادات الطاقة، وتراجع المساواة. كما أن ميل القارة الآسيوية لشهود تعدد في أقطاب القوة يمثل واحدا من أخطر المتغيرات العالمية. ومن جهة أخرى، فإن دول أفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة أمريكا الوسطى ودول الكاريبي، ستظل عرضة لان تغدو دولا فاشلة حتى 2030، نتيجة توفير مآوى للمجرمين العالميين والشبكات الإرهابية والعصيانات المحلية.

5ـ أثر التقدم التقني:

هناك 4 ساحات تقنية من شأنها أن تشكل مستقبل التطورات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. أولها تقنية المعلومات، حيث تدخل التقنية عصر البيانات الهائلة، مقدمة إمكانية عالمية للحصول على المعلومات؛ بالإضافة لخدمات واسعة الانتشار، لكنها تمنح كذلك قدرة أورويلية للدولة على مراقبة وملاحقة مواطنيها.

وثاني المداخل التقنية تتمثل في تقنية التصنيع والأتمتة (التحول باتجاه النمط الأوتوماتيكي للحياة) مثل المطابع ثلاثية الأبعاد وثورة الروبوتات مع إمكانية تغير أنماط العمل؛ بما يحسن الإنتاجية ويقلل الحاجة للموارد الخارجية، ويقلل الحاجة للعمالة غير الماهرة، ويفاقم اوضاع انعدام المساواة.

أما ثالث التقنيات فهي تقنيات تأمين الموارد الحيوية، ومن أهم هذه التقنيات تلك المتعلقة بالمحاصيل المعدلة وراثيا، وتقنيات الزراعة الدقيقة، وتقنيات الري الأفضل، والطاقة الشمسية، والوقود الحيوي المتقدم، واستخراج الغاز والنفط عبر تقنيات التكسير بضغط المياه.

وأخيرا هناك التقنيات الجديدة في المجال الصحي، حيث من المتوقع أن تؤدي هذه التقنيات لإطالة متوسط عمر السكان حول العالم عبر التخفيف من قدرة الأمراض البدنية والنفسية على الانتشار؛ وتحسين الصحة العامة، حيث يتوقع التقرير أن تكون الدول ذات الاقتصاد المتنامي وتلك التي تشهد تمددا للطبقة الوسطى أكثر الدول استفادة من هذه التقنية.

6ـ دور الولايات المتحدة:

باعتبار التقرير صادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي، فإن التقرير يتناول دور الولايات المتحدة في ضوء العوامل السابقة، ويرى أن التراجع النسبي لحضور الولايات المتحدة والغرب عموما في مقابل صعود القوى الأخرى أمر محتوم، غير أنه يؤكد أن درجة هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي أمر مختلف تماما. وبرغم تأكيد التقرير على انزواء نظام الأحادية القطبية، وتراجع بصمة السلام الأمريكي أو Pax Americana، فإنه يشير إلى أن الولايات المتحدة سوف تظل في 2030 الأكثر قدرة على الهيمنة على النظام الدولي برغم تقارب قوتها العامة مع قوى عدة فاعلين دوليين.

ويفيد التقرير أن الشركاء الغربيين يعانون أيضا من تراجع اقتصادي نسبي مشابه. ويضيف أن حلول قوة أخرى محل الولايات المتحدة في مكانتها الدولية أمر بعيد الاحتمال حتى 2030، لافتا كذلك إلى أن القوى البازغة لا تشكل كتلة، وتفتقر إلى أية رؤية ذات موضوع وحدوي. وعليه، يؤكد التقرير أن حدوث انهيار أو تراجع مفاجئ في قدرة الولايات المتحدة من شأنه أن يقود على الأرجح إلى فترة من الفوضى العالمية.

 

ثالثا: المفاجآت التي قد تؤدي لتداعيات صادمة

في موجز محور «العوامل التي قد تغير قواعد اللعبة »، أدرج تقرير «التوجهات العظمى» جدولا بعدد من المفاجآت، أوردها من دون تفسير ومن دون ترتيب. وفي هذا الجدول، تحدث التقرير عن 8 تطورات قد تؤدي لتداعيات تجلب الدمار للعالم أو لقطاع منه. هي العوامل هي:

1ـ جائحة عالمية قد تودي بحياة ملايين البشر خلال 6 أشهر.

2ـ معدل متسارع لتغير المناخ يؤدى لتداعيات كارثية، وإن كان علماء المناخ غير واثقين من إمكانية التنبؤ بحدث كهذا.

3ـ انهيار اليورو أو الاتحاد الأوروبي في أعقاب خروج اليونان من منطقة اليورو.

4ـ قد تتمكن الصين مع استمرار النمو الاقتصادي بالاتجاه نحو الديمقراطية وبسط قوتها الناعمة في أرجاء العالم. أو قد تؤدي لمشكلات عالمية في حال تحولت الصين الديمقراطية إلى وجهة قومية. ويعرض البعض سيناريوهات لانهيار صيني قد يصدم الاقتصاد العالمي.

5ـ يصل للحكم في إيران نظام ليبرالي إصلاحي يتخلى عن الطموح النووي، ويركز على التحديث الاقتصادي، مما يعزز فرص الاستقرار في الشرق الأوسط.

6ـ نشوب تهديد نووي بسبب طموح إقليمي، أو استخدام الفضاء السيبراني للقيام بتوظيف ما لأسلحة الدمار الشامل.

7ـ عاصفة شمسية تعصف بأقمارنا الصناعية، بالشبكات الكهربية بالكوكب.

8ـ انهيار أو تراجع مفاجئ لقوة الولايات المتحدة الأمريكية.

رابعا: العوالم البديلة: سيناريوهات مفترضة للمستقبل

يشير التقرير لوفرة المعلومات التي تتيح اقتراحا بأنه برغم تسارع معدلات التغيير التي عايشها الكوكب خلال العقدين الماضيين، فإن المستقبل سيشهد تزايدا في معدلات تسارع التغيير. ويدعو التقرير لمزيد من التفكير المبدع في خيارات المستقبل عبر وضع 4 سيناريوهات مفترضة، تتضمن عناصر انقطاعها بداخلها، وتمثل مسارات متمايزة للعالم حتى عام 2030.

السيناريو الأول: المحركات المتوقفة:

وهو السيناريو الحالة الأسوأ، ويعكس مستقبلا كئيبا، حيث يتراجع حضور الولايات المتحدة وأوروبا، وتنكشف منطقة اليورو سريعا، مسببة غرق أوروبا في الركود، كما قد تفشل ثورة الطاقة في الولايات المتحدة، ويتداعى النمو الاقتصادي العالمي، ويستعر العنف السني الشيعي في منطقة الخليج، ويتفشى فيروس فتاك في جنوب شرق آسيا، حيث تغرق كل المراكب.

السيناريو الثاني: الانصهار:

ويمثل هذا السيناريو أفضل السيناريوهات، حيث تُخمد كل من الولايات المتحدة والصين وأوروبا شبح انتشار الصراع قي جنوب آسيا، ما يقود إلى تغيرات هامة في العلاقات الثنائية وعلى صعيد التعاون العالمي في الاستجابة للتحديات العالمية، حيث تشرع الصين في إجراء إصلاح سياسي، يعززه دورها المتنامي في النظام الدولي، وتشهد المؤسسات العالمية إصلاحات شاملة من جانب واحد، كما تتضاعف القيمة الحقيقية للاقتصاد العالمي إلى 132 تريليون دولار، وترتفع معها كل القوارب الاقتصادية بشكل كبير، وتصبح الاختراعات التقنية مصدرا لاندفاع العالم نحو التقدم مرتبطة بمجابهة القيوم المالية والقيود على توظيف الموارد. ويشير التقرير إلى أن هذا السيناريو يكون ممكنا في إطار توفر قيادة سياسية قوية.

السيناريو الثالث: معامل جيني خارج عنق الزجاجة:

ويشير هذا السيناريو لعالم يشهد تطرفات حادة ومظاهر أكبر لعدم المساواة، حيث تشهد أوروبا تنافسية قوية وفق معامل جيني المستخدم بتوسع لقياس كفاءة الأداء الاقتصادي في منطقة اليورو، بينما تتجه دول أخرى لترك الاتحاد الأوروبي، كما تجد مدن المراكز الصينية الساحلية نفسها مجبرة على الازدهار؛ بينما تتزايد بها مظاهر عدم المساواة وتتفاقم الخلافات الاجتماعية، في حين تتفجر الخلافات بين القوى الدولية، ويشهد العالم فشل عدد من الدول.

في هذا السيناريو تزداد الثروة العالمية؛ غير أن العالم يصبح أقل أمنا؛ ما أسماه التقرير بالجانب المظلم من العولمة؛ ما يفرض مزيدا من التحديات. كما تزداد قسوة الفوارق أكثر بين من يملكون ومن لا يملكون، وتصبح مستقرة نوعا. كما سيعاني قطاع من أفريقيا أكبر المعاناة، وسيزداد عدد الدول الفاشلة، وتتزايد الحركات الراديكالية تأسيسا على الأفكار الماركسية والماوية في المناطق الريفية على مستوى العالم، حيث تولد العولمة صراعات طبقية.

السيناريو الرابع: عالم تغيب فيه الدولة:

في هذا السيناريو، تزدهر المنظمات غير الحكومية، والشركات متعدية الجنسية، والمعاهد الأكاديمية والأشخاص الأثرياء، والمدن الكبرى، وتتولى قيادة العالم في مواجهة التحديات التي تواجهه. كما سيتنامى رأي عام عالمي، وسينتج توافقا بين النخب والتشكيلات التي ستنتجها الطبقات الوسطى عبر العالم والتي ستدعم مثل هذا الوفاق. كما ستجد الأنظمة المستبدة صعوبات جمة في إمضاء إراداتها وسط هذا المناخ العالمي الذي تتراكم ديمقراطيته وتتدعم يوما بعد يوم. كما أن الدول الصغرى والرشيقة ذات النخب المنتمية المندمجة ستبلي بلاء أفضل من الدول الأضخم. كما ستتنامى الشبكات في هذه البيئة العالمية المعولمة؛ حيث تجد الخبرة والنفوذ والكفاءة مكانها في طليعة مجتمعاتها. غير أنه في هذا السيناريو تتنامى مخاطر انعدام الأمن لتمثل تحدياً كبيراً على مختلف الفواعل والوحدات في العلاقات الدولية (1).

——————————-

الهامش

(1) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close