fbpx
تقديرات

ذكري 25 يناير 2016 بين الآمال والتوقعات

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقدمة

مع إقتراب الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير المصرية تشهد مواقع التواصل الإجتماعي نشاطاً متزايداً من كل التيارات السياسية المصرية بكافة أطيافها استعداداً للذكرى بينما يشهد المشهد السياسي والأمنى على الأرض تحركات تهدف لدعم ركائز النظام. وما بين الآمال والتوقعات يتأرجح المشهد الثوري المصري، فما هي أبرز تحولات المشهد المصري وتوقعاته؟

هذا ما يسعي هذا التقرير إلى رصده خلال الفترة من 1 يناير إلى 19 يناير 2016، وذلك على النحو التالي:

أولاً: تحولات المشهد السياسي:

شهد المشهد السياسي الداخلي خلال الفترة التي يغطيها التقرير العديد من التحولات الأساسية، في مقدمتها:

1ـ بدأ انعقاد مجلس النواب المصري بتاريخ 10 يناير 2016  لتكتمل أركان النظام المصري الحالي بتوافر السلطة التشريعية التى يحتاجها رأس النظام لشرعية نظامه، وبدأ المجلس بعد اختيار رئيسه بالبدء في التصويت على القوانين وكان ابرزها الموافقة على قرار عبد الفتاح السيسي بتمديد حظر التجوال على بعض مناطق شمال سيناء ليبدأ تنفيذه فور صدوره ثم لتنتقل الجلسات لإقرار القوانين التى صدرت قبل فترة انعقاد المجلس، ووصل الأمر يوم الأحد 17 يناير إلى تمرير عشرات القوانين وصلت إلى 248 قانون في أقل من أسبوع دون مناقشة حقيقية لها وهو ما يعكس دور المجلس المناط به تنفيذ والموافقة على قرارات السلطة التنفذية (1).

يأتى هذا في ظل صراعات شكلية داخل المجلس فضحت كيف أن الأجهزة الأمنية هي من تتحكم بالقرار ولعل ما قاله توفيق عكاشة في أكثر من لقاء يؤكد ذلك (لقاء على قناة أون تي في مع يوسف الحسينى، ثم ما قاله صريحاً وسجلته له جريدة المصريون وقال فيه إما تمرير القوانين أو الحل (2).

2ـ إحالة تقرير هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إلى لجنة تقصى حقائق مُشكلة بأمر من رئاسة الجمهورية ورئاسة محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية للبت في أمر التقرير وما ورد به، وانتهت اللجنة إلى إصدار تقرير يتضمن خمسة بنود هي خلاصة ما توصلت له لجنة تقصي الحقائق ضد تقرير هشام جنينة وكانت كالتالي: التضليل والتضخيم، فقدان المصداقية، الإغفال المتعمد، إساءة توظيف الأرقام والسياسات مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبي، إساءة استخدام كلمة فساد.

وانتهى التقرير بتكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء بمراجعة كافة بنود الدراسة والتأكد من إتخاذ الإجراءات القانونية في كل واقعة كما ورد في جريدة الوطن (3).

تأتى هذه التطورات في ظل رفض حزب مصر القوية لما يمارس من اتهامات ضد هشام جنينة (4)، ورفض القوانين التى يتم إقرارها من خلاله(5)، واعتبار مجلس النواب مجلس صوري يتحكم به النظام (6). بينما غاب حزب الدستور المصري عن التعليق حيث اكتفى حسابه الرسمي على تويتر بالإهتمام بالقضايا الحقوقية والحق في التظاهر السلمي.

ثانياً: تحولات المشهد الأمني:

شهدت الفترة محل الرصد، استمرار حالات الإختفاء القسري التى تقوم بها الأجهزة الأمنية سواء جهاز الأمن الوطنى بمعظم محافظات الجمهورية أو جهاز المخابرات الحربية بمحافظة شمال سيناء هذا بالإضافة لتزايد حجم الإعتقالات الذي تجاوز 300 معتقل من محافظات مختلفة.

ولكن أبرز التحولات كانت زيارة جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للقاهرة ولقائه مع رأس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ومدير المخابرات العامة خالد فوزي يوم الأحد 17 يناير (7) في اجتماع مغلق استمر ساعات، ثم لقائه في اليوم الثاني الاثنين 18 يناير 2016 وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار وعقد جلسة معه (8) وحسب المعلن، فقد تركزت اللقاءات حول قضايا الإرهاب وتعزيز التعاون الأمنى القائم مع مصر بالفعل وهو ما ذُكر صراحة في بيان وزارة الداخلية وكان به اشارة هامة على شكر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على تبادل المعلومات المتعلق بالجماعات الإرهابية والتكفيرية وهو ما حدده البيان في تنظيمي جماعة الأخوان المسلمين و الدولة الإسلامية.

أما على صعيد التطورات الميدانية فقد أعلنت وزارة الداخلية أنها ستراقب سماء القاهرة الكبرى وميادينها في ذكرى 25 يناير بالطائرات المروحية وسيتم توفير خبراء من الحماية المدنية وخبراء المفرقعات لتأمين كل المنشآت الحيوية مع استيراد المعدات اللازمة لذلك وتأمين كل الميادين بالقوات المناسبة لمنع أى أعمال مناوئة للنظام (9).

ثالثاً: تحولات المشهد الثوري

كان من الأمور التي تم رصدها رجوع باسم يوسف بشكل إنسانى للتحدث عبر هاشتاج أنا_شاركت_في_ثورة_يناير وذلك بالكتابة عن المعتقلين لمدة ثلاثة أيام، بينما قام الحساب الرسمي لحركة 6 إبريل (10) بتفعيل هاشتاج مابعد_السيسي AfterSisi مع تأكيد الحركة أنها حركة سلمية، وهذا دون أى حراك ميدانى للحركة على الأرض أو الدعوة لحراك حتى الآن، أما عن موقف الإشتراكيين الثوريين فخلت صفحتهم الرسمية(11) من أى دعوة للتظاهر أو الحراك في ذكري يناير.

بينما استمرت مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معها في بعض المناطق والقرى على مستوى محافظات الجمهورية وتزامن هذا مع صدور بيان من محمد منتصر المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين وجه فيه رسالة إلى الثوار والمناضلين بأن يأخذوا حذرهم واحتياطهم وأن ذكري يناير ليست حاسمة في الصراع مع العسكر ولكنها مرحلة من مراحل النضال (12).

يأتى هذا في ظل فشل الحملات العسكرية للجيش في اقتحام مناطق سيطرة ولاية سيناء بالشيخ زويد ورفح وتصعيد الدولة الإسلامية لعملياتها داخل العمق المصري باستهداف قوات للشرطة بعبوات ناسفة واغتيالات وفي قلب محافظة القاهرة.

وفي مقابل هذه التحركات استمر الجدل حول الخلاف الداخلي في جماعة الإخوان المسلمين، وسط أنباء كذلك عن حدوث خلافات داخل المجلس الثوري المصري، بينما يحاول بعض الرموز السياسية والأكاديمية والثورية بالخارج توحيد صفوف قوى المعارضة والتيارات المختلفة بعقد لقاءات مستمرة في تركيا وقطر ودول أخرى دون أى تقدم يذكر حتى الآن.

رابعاً: ذكري الثورة: الواقع والآمال:

في الشهور الأخيرة بدأت قوى ثورية وأفراد في الحشد تجاه ما يسمى الإصطفاف الثوري من أجل الإستعداد ل 25 يناير 2016 ودشن البعض حملة راجعين الميدان وسط حديث عن أهمية الإصطفاف وتناسي الخلافات ولكن مع مرور الأيام أثبت الواقع أن الإختلافات والنصر لا يعتمد في شكله الأساسي على تلك الدعوة وإن كانت مهمه فهي تأتى في إطار تكميلي وليس أساسي.

وبين هذا كله بدأت عودة وائل غنيم و باسم يوسف والوجوه التى أيدت خدعة 30 يونيو للظهور من جديد على الساحة المصرية بعد غياب، وترافق هذا مع خطاب عاطفي تصعيدي من حركة شباب 6 إبريل وصل ذروته في هاشتاج مابعد السيسي.

لذلك يأتى يناير هذا العام والأمل عند القوى الثورية في: تحرك شعبي ضد السيسي، تنحية السيسي عن المشهد السياسي والبحث بعدها عن تسوية سياسية مع المجلس العسكري.

ولكن الواقع يشير إلى أنه ورغم تزايد السخط الشعبي عند جميع فئات الشعب المصري إلا انه لا توجد أية مؤشرات للتحرك ضد النظام بعد أن فقد الشعب ثقته في مكونات تلك القوى الثورية ومسمياتها وفي ظل قمع أمني غير مسبوق.

وبناء عليه فإن المؤشرات قبل ذكري 25 يناير وما بعدها تسير نحو:

1ـ تزايد القبضة الأمنية وبطشها من اعتقالات واخفاء قسري .. مع عدم قمع المظاهرات بالأشكال العنيفة السابقة لإثبات أن رافضين النظام قلة قليلة.

2ـ تزايد نوعي في عدد المظاهرات دون زيادة حقيقية في الأعداد، بشكل يمكن أن يختفي تدريجياً بعد يناير.

3ـ استمرار اختفاء أى مظاهرات للتيارات غير الاسلامية والإكتفاء بالمعارضة الإعلامية.

4ـ انتشار عمليات العنف ضد منشآت النظام وأفراده ورجال الأعمال مع عدم تبنى معظم العمليات من أى جهة.

5ـ ظهور نخبة شبابي   ة جديدة من المنتمين للفكر الإسلامي تخاطب الشارع بخطاب مختلف.

6ـ تصاعد الغضب الشعبي وتزايد ضربات الجماعات الجهادية.

7ـ ممارسة عدد من الضغوط الخارجية لإجبار قوى المعارضة من التيارات غير الإسلامية للاتفاق حول ماذا بعد السيسي، ويمكن أن يكون من بين الخيارات المطروحة أن يكمل السيسي فترته الرئاسية مع القبول بواجهة عسكرية تخلفه، ثم ينتقل الطرح وفق للتطورات الميدانية إلى طرح مجلس رئاسي مدني برئاسة شخصية مستقلة و تضم بين اعضائها شخصيات من كل التيارات.

8ـ محاولة بعض أجهزة الدولة طرح وجه مدنى كبديل للسيسي مثل هشام جنينة كرئيس لمجلس إنتقالي.

9ـ في حالة إزدياد قوة الأحداث في الشارع وتصاعدها وما يصاحب ذلك من استمرار تصدر الإسلاميين للمشهد المقاوم للنظام العسكري فسيتم الإتجاه من القوى الثورية غير الإسلامية إلى الدفع مع الإخوان بطرح إزاحة السيسي مع قدوم مرسي كرئيس لمجلس رئاسي إنتقالي يضم تحته شخصيات من تلك القوى وأعضاء من المجلس العسكري لطمأنة القوى الأقليمية والدولية، وتبني خطوات لاحتواء الوضع بعد رحيل السيسي والتعامل مع الغضب المجتمعي والأزمات الإقتصادية التى ستظهر و تخوف الجماعات الجهادية. وهذا التوقع بناء على المعطيات الحالية والتى بتغيرها تتغير بعض جوانب المشهد زيادة أو نقصاناً.

———————————-

الهامش

(1) برلمان السيسي.. نصف دقيقة لكل قانون بـقزقزة لب ، عربي 21، بتاريخ 18 يناير 2016، الرابط

(2) توفيق عكاشة إما تمرير القوانين وإما الحل، جريدة المصريون، بتاريخ 17 يناير 2016، الرابط

(3)- عاجل| الوطن تنشر تقرير لجنة تقصي الحقائق حول تصريحات جنينة عن الفساد، جريدة الوطن، بتاريخ 12 يناير 2016، الرابط

(4)- تصريح صحفي حول الحملات الإعلامية التي تطال المستشار هشام جنينة جراء تصريحاته عن الفساد داخل الدولة، الحساب الرسمي على تويتر لحزب مصر القوية، بتاريخ 13 يناير، الرابط

(5)- من أسباب رفض الحزب لقانون الخدمة المدنية، الحساب الرسمي على تويتر للحزب، بتاريخ 16 يناير، الرابط

(6)- بيان_صحفي حول أولى جلسات البرلمان، الحساب الرسمي على تويتر للحزب، بتاريخ 16 يناير، الرابط

(7)- مصر تستعيد دفء علاقتها مع أمريكا، جريدة الدستور، سماح عاشور بتاريخ 17 يناير 2016، الرابط

(8)- الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية على موقع التواصل الإجتماعي Facebook ، بتاريخ 18 يناير 2016، الرابط الأول .. الرابط الثاني

(9)- هستيريا أمنية بمصر خوفا من تظاهرات ذكرى ثورة يناير، عربي 21، خالد أشرف بتاريخ 17 يناير 2016، الرابط

(10)- الحساب الرسمي لحركة شباب ابريل على تويتر .. الرابط

(11)- الصفحة الرسمية للإشتراكيون الثوريون على الفيس بوك .. الرابط

(12)- بيان المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمون رسالة إلى الثوار والمناضلين، بتاريخ 17 يناير 2016، الرابط

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close